حقل القرنة ينقل العراق إلى الشراكة مع واشنطن

حقل القرنة ينقل العراق إلى الشراكة مع واشنطن

تشير المباحثات التي جمعت، اليوم الاثنين، وزير النفط العراقي حيان عبدالغني مع وفد من “شيفرون” الأميركية بشأن استغلال حقل غرب القرنة 2 الذي كانت تديره شركة روسية، مساعي بغداد لتعزيز التعاون مع واشنطن في قطاع الطاقة ولا سيما استقطاب الاستثمارات الأميركية.

ويمثل التفاوض مع شركة أميركية عملاقة خطوة واضحة نحو تنويع قاعدة الشركاء الدوليين في قطاع النفط، والابتعاد عن الاعتماد المفرط على جهة واحدة أو كتلة اقتصادية محددة، في وقت تسعى فيه الحكومة العراقية إلى استقطاب رؤوس الأموال الغربية والخبرة التكنولوجية المتقدمة التي توفرها شركات مثل “شيفرون” و”إكسون موبيل”.

وتعكس المباحثات مع “شيفرون” تحولا براغماتية في السياسة النفطية العراقية نحو تعزيز الوجود الغربي، الأميركي تحديداً، في قطاع الطاقة. هذا التحول ليس اقتصادياً بحتاً، بل هو جزء من استراتيجية أكبر لإعادة التوازن في العلاقات الجيوسياسية، وتأمين الدعم الدولي، وضمان استقرار الإيرادات النفطية في ظل التحولات الدولية الراهنة.

وكانت وزارة النفط العراقية وجّهت الاثنين الماضي، دعوات للعديد من شركات النفط الأميركية للدخول في مفاوضات حول استغلال حقل غرب القرنة 2، والسعي إلى نقل تشغيله إلى إحدى الشركات من خلال عطاءات تنافسية، بعد انسحاب شركة “لوك أويل” الروسية تدريجيًا من أصولها الخارجية.

ويمثّل الحقل أبرز مشاريع “لوك أويل” خارج روسيا، بحصة تشغيلية تبلغ 75 بالمئة، في حين تُقدّر قيمة أصول الشركة الدولية بنحو 22 مليار دولار، في وقت تتطلع فيه إلى بيع حصصها الخارجية، وفق موقع “الطاقة”.

ويعتبر العراق بيئة استثمارية صعبة نسبياً، بينما يرسل جذب شركة أميركية كبرى إشارة ثقة إلى بقية المستثمرين الدوليين بأن الحكومة العراقية ملتزمة بحماية الاستثمارات الكبيرة.

ويُنظر إلى التحول المحتمل من “لوك أويل” الروسية إلى “شيفرون” الأميركية على أنه انعكاس للبيئة الجيوسياسية العالمية، في ظل العقوبات الغربية على روسيا بسبب الحرب في أوكرانيا ما عقد العمليات المالية واللوجستية للشركات الروسية في العراق، مما دفع الحكومة للبحث عن بدائل أكثر استقراراً وقدرة على الوفاء بالالتزامات التعاقدية.

ويسعى العراق للحفاظ على علاقات متوازنة بين الشرق والغرب. ورغم علاقاته الوثيقة بإيران، إلا أن تعزيز الشراكة مع الولايات المتحدة في ملف حيوي مثل الطاقة يمثل محاولة للإبقاء على توازن دقيق يضمن لبغداد حماية مصالحها من التقلبات الجيوسياسية.

ويدرك القادة العراقيون أن وجود شركات أميركية كبرى في القطاع يوفر لهم دعماً سياسياً من واشنطن على المستوى الدولي. هذا الدعم ضروري في مفاوضات المنظمات الدولية، وفي مواجهة التحديات الإقليمية.

وتُعد قضايا الغاز والكهرباء مرتبطة بالتعاون مع واشنطن، حيث يعتمد العراق على استيراد الغاز من إيران لتشغيل محطات الكهرباء، وهو ما يضعه تحت ضغط العقوبات الأميركية.

ويمكن أن يساعد الاستثمار في حقول الغاز العراقية من قبل شركات أميركية العراق على تحقيق الاكتفاء الذاتي والتحرر من الضغط الإيراني والأميركي المتزامنين.

وقد تواجه هذه الخطوات مقاومة سياسية من بعض الفصائل العراقية الموالية لإيران، والتي تنظر إلى الاستثمارات الأميركية على أنها “نفوذ” أو “سيطرة” غربية على مقدرات البلاد.

ولا يزال قطاع الطاقة في العراق بحاجة إلى إقرار قوانين نفط وغاز حديثة وشفافة تضمن بيئة استثمارية مستقرة وطويلة الأمد، بعيداً عن القرارات الفردية.

تعليقات

لا تعليقات حتى الآن. لماذا لا تبدأ النقاش؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *